ManamaSpeech

مداخلة معالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي وزير الخارجية – حوار المنامة 2020

5 ديسمبر 2020

يسعدني أن أنضم إليكم هنا في المنامة وأن أعرب عن بالغ الامتنان لجلالة الملك حمد وللأمير سلمان ولمملكة البحرين الشقيقة.

كما يطيب لي أن أسجل خالص الشكر لمعالي الأخ الدكتور عبد اللطيف الزياني على الدعوة الكريمة وحسن الضيافة. وأشكر صديقنا جون تشيبمان وكل من في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية على جهودهم في مواصلة تنظيم حوار المنامة، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية المرتبطة بالجائحة.

بداية، أود أن أسجل كلمة للمرحوم الأمير خليفة طيب الله ثراه والذي قضى 50 عامًا من الخدمة المتواصلة التي شكّلت مثالا لامعا لجيلي من أبناء الخليج. إننا سوف نتذكره دائما.

الحضور الكريم

لقد طُلب مني أن أقدم بعض الأفكار حول موضوع أمن الشرق الأوسط في سياق عالمي.ومن أجل العمل على معالجة هذه المسألة الهامة، أدعوكم في مداخلتي الموجزة إلى النظر إلى الكيفية التي يمكن أن نوجه بها فكرنا من خلال مبدآن مترابطان هما التعددية والشمولية المستمدان من القيم التي طالما كانت مصدر إلهام لرؤية عمان للعالم وسياستها الخارجية.

لدينا التزام عميق ودائم بحل الصراع بالوسائل السلمية. وإذا أردنا تجنب سوء الفهم، يجب أن نحافظ على المشاركة والحوار مع الجميع حتى تكون لدينا أفضل علاقات ممكنة مع الجميع.

إن الإقصاء أو الرفض أو الحصار ليست من ذخيرتنا الدبلوماسية. وأنني أؤمن حقا بعدم إمكانية بناء هياكل أمنية مستدامة في منطقتنا إلا من خلال المشاركة الفاعلة، من خارج منطقة الراحة الخاصة بنا، وليس فقط عبر التحدث مع أولئك الذين يتفقون معنا بالفعل.

هذا هو المكان الذي يهم السياق العام. فلكي ينجح هذا النوع من المشاركة متعددة الأطراف في عالم اليوم الشديد الترابط، فإنه يحتاج إلى إشراك العديد من أصحاب المصلحة، بما في ذلك الأصدقاء والشركاء الذين ليسوا جزءا من المنطقة، بالمعنى الجغرافي، ولكنهم يشكلون جزءا كبير منها بحكم المساهمات التي يقدمونها هنا والمصالح التي لديهم.

إن الحكمة تدعونا اليوم جميعًا إلى تعزيز التعاون الشامل متعدد الأطراف، وعدم إغفال هذه القيم. وهناك دلائل مشجعة في الوقت الحاضر في عدد من الجبهات على وجود استعداد متجدد لحل بعض الصعوبات والخلافات التي تهدد الأمن الإقليمي.

وقد رحبنا بالبيان الكويتي الصادر بالأمس حول النتائج الإيجابية لجهود المصالحة التي قادها المغفور له الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح رحمه الله وجهود صاحب السمو أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح والرئيس الامريكي دونالد ترامب. كل هذه الجهود تعكس تطلعات شعوب المنطقة. ونحن متفائلون بإمكانية التوصل إلى تفاهم دائم.

كما أن لديننا سببًا للأمل في أن يكون استئناف الوجود الأمريكي في المنظمات الدولية على المستوى العالمي مصحوبًا بجهود لاستعادة ما لا زلت أراه أحد أهم النجاحات الأمريكية في المنطقة منذ فترة طويلة ألا وهو خطة العمل المشتركة الشاملة JCPOA – التي ستمثل تطورًا إيجابيًا لمناخ جديد من الشمولية إذا أمكن إيجاد طريقة جماعية لإشراك المزيد من الأطراف الإقليمية في هذه الخطة بشكل كامل وإيجابي.

إن الأمن في سياقه العالمي يعتمد أيضًا على بيئة يتم فيها تشجيع التواصل والتبادل خاصة عندما يتم التأكيد على التعددية والشمولية. وأعتقد أنه من الأسهل الدخول في مشاركة متعددة الأطراف إذا كانت الدبلوماسية مدعومة بالتفاعل المنتظم على جميع المستويات. فكلما تعرفنا على بعضنا البعض بشكل أفضل، يومًا بعد يوم، استطعنا العمل بشكل أفضل على حل المشكلات وتعزيز المصالح المشتركة.

لهذا السبب أردت أن أقول شيئًا اليوم عن تطور بعض السياسات الداخلية للسلطنة التي آمل أن تقدم مساهمة متواضعة في تنمية بيئة إقليمية يمكن أن يزدهر فيها نهج شامل ومتعدد الأطراف للأمن الإقليمي.

تتعلق هذه التطورات المحلية إلى حد كبير بكيفية تفاعل سلطنة عمان على أساس يومي مع الجوار والشركاء العالميين.  إنها تتعلق بتعزيز التبادل الحر للمعرفة والخبرة. كما أنها تدور حول انفتاح الاقتصاد بطرق جديدة نحو مزيد من التعاون والتجارة والاستثمار والسياحة وأشياء عديدة أخرى. فعلى سبيل المثال، لدينا خطط للسماح بدخول البلاد بدون تأشيرة للزيارات القصيرة لمواطني أكثر من 100 دولة. وستكون هناك تطورات مهمة في سياسة وقوانين العمل والتي ستشمل في الأسابيع القليلة القادمة إلغاء نظام شهادة عدم الممانعة.

كما أن التحول الإلكتروني يرمي إلى تبسيط الإجراءات واللوائح من أجل جعل ممارسة الأعمال التجارية في عمان أسهل بكثير من أي وقت مضى.

هذه الإجراءات هي جزء من حزمة أوسع من التدابير الاقتصادية ضمن رؤية عمان 2040 والسياسة المالية التي ستشمل أيضًا إدخال بعض الضرائب الجديدة وإنهاء بعض من سياسات الدعم الطويلة الأمد. ولكن مع تصميم الحكومة لهذه السياسات وتنفيذها، فإنها تهتم أيضًا بشكل خاص للتأكد من حماية الأسر ذات الدخل المنخفض.

إن الأمن في الشرق الأوسط لا يكتمل بدون الأمن اليومي للإنسان. إن الأمن يعني عدم العيش في خوف من الفقر بقدر ما يعني عدم العيش في خوف من القنابل والرصاص. أولئك الذين يتمتعون بالازدهار والامتياز منا مدينون لإخواننا المواطنين الذين يقدمون المساهمة التي تضمن أمن الجميع.  إن الضمان الاجتماعي هو عنصر أساسي لسياسة مالية ناجحة. وبعبارة أخرى فإن النسيج الاجتماعي المتين في الداخل هو أساس البيئة الاقتصادية المستقرة والمنفتحة والشاملة تجعل المشاركة متعددة الأطراف في المنطقة أكثر نجاحًا.

عندما ننظر إلى أمن الشرق الأوسط المستدام على المدى الطويل، وفي سياق عالمي، فيجب أن نظل مدركين بالصورة الكبيرة للرؤية الاستراتيجية. ويمكننا القيام بذلك بطريقتين:

أولاً، بتوسيع الحوار وجعله شاملا قدر الإمكان.

وثانيًا، توسيع مفهوم ما يعنيه الأمن اليوم ليشمل الأمن اليومي لأولئك الذين تعتمد حياتهم اليومية على قدرتنا على تنويع مواردنا الجماعية بطريقة يُنظر إليها على نطاق واسع ومن خلال إجماع اجتماعي قوي على أنها عادلة ومنصفة.