
17 نوفمبر 2025
عقد معالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي وزير الخارجية الاجتماع السنوي السادس مع أصحاب السعادة السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية المعتمدين لدى سلطنة عُمان، وذلك لتبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا الراهنة في المنطقة، واستعراض التطورات المرتبطة بمسيرة التنمية الوطنية ورؤية عُمان 2040، إلى جانب السياسة الخارجية العُمانية.
واستهل معالي السيد الوزير الاجتماع بالتعبير عن شكره وتقديره للجهود التي تبذلها البعثات في مسقط للمحافظة على علاقات التعاون بين بلدانهم وسلطنة عُمان وتعزيزها، مشيدًا بافتتاح عدد من البعثات خلال العامين الماضيين، من بينها سفارات أرمينيا وأذربيجان وأوكرانيا، إلى جانب مكتب البنك الدولي، وما يمثله ذلك من دعم للحضور الدبلوماسي والشراكات القائمة مع سلطنة عمان.
وتناول معاليه ما تضمنته رؤية عُمان 2040 من توجهات طموحة في مجالات التجارة الدولية والاستثمار الخارجي المباشر والمشروعات المشتركة والتطوير التكنولوجي، مع التركيز على التحول الأخضر، مؤكدًا أن هذه العناصر تشكل ركائز أساسية في المرحلة المقبلة، وأن سلطنة عمان تعمل لتكون من أكثر دول المنطقة جذبًا للعيش والعمل والاستثمار، فضلًا عن كونها وجهة رائدة للزيارة.
وفي هذا السياق، استعرض معاليه قرار التوجه نحو تطبيق ضريبة الدخل على الأفراد مستقبلًا، موضحًا أن هذا التوجه يعكس رؤية طويلة المدى لتأمين مصادر دخل مستدامة في مرحلة لن يكون فيها الاعتماد على النفط والغاز هو الأساس في ترسيخ التضامن الاجتماعي، وأن الإسهام العادل والمتناسب للمواطنين يمثل قاعدة مالية لمتانة المجتمع ووئامه، بما يدعم جودة الحياة.
كما أشار معاليه إلى مصادقة حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم /حفظه الله ورعاه/ على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، باعتباره خطوة محورية في مواءمة سلطنة عُمان مع الأطر الدولية لحقوق الإنسان، ومساهمة أساسية في مسيرة التطور الداخلي، مؤكداً أن الإنسان يظل محورًا تتمحور حوله جهود التشجيع والتمكين في مختلف مجالات الحياة، وأن ازدهار الإنسان في أوسع معانيه هو غاية مشتركة لأي تقييم حقيقي لجودة الحياة.
وعلى الصعيد السياسي، تطرق معاليه لتطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، والأوضاع المأساوية في قطاع غزة على وجه الخصوص، مؤكدًا أن استمرار انتهاك إسرائيل للقانون الدولي من خلال احتلالها دولة فلسطين والعمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين يمثل التحدي الأخطر أمام تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. وأعرب معاليه عن تقدير سلطنة عُمان للدول التي منحت الاعتراف الدبلوماسي الكامل بدولة فلسطين، لما أضافته هذه الخطوات من قوة إلى موقف الأغلبية العالمية الداعمة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
كما تطرق معاليه إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في 9 أكتوبر، معربًا عن تقدير سلطنة عُمان للدور الذي قامت به الأطراف التي أسهمت في تحقيقه، ولا سيما الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا والممثلين الفلسطينيين، ومشيرًا في الوقت نفسه إلى أن الانتهاكات الإسرائيلية الواضحة والمتكررة لهذا الوقف بما أدى إلى سقوط مئات الشهداء الفلسطينيين، تطرح تحديًا جديًا أمام صدقية الالتزام بهذا الاتفاق. ودعا معاليه إلى بذل كل جهد ممكن من قبل المجتمع الدولي لممارسة ضغط فعّال على إسرائيل لضمان احترام وقف إطلاق النار باعتباره الحد الأدنى المطلوب لحماية المدنيين وتهيئة الأرضية لأي جهد سياسي جاد.
كما أكد معاليه ضرورة أن يكون الشعب الفلسطيني ممثلاً تمثيلًا حقيقيًا في أي مسار سياسي قادم، مشددًا على أن حق تقرير المصير يشمل حق الفلسطينيين في اختيار من يمثلهم، وأن أي ترتيبات تتعلق بإدارة غزة ينبغي ألّا تُفرض من أطراف خارجية أو تقوم على إقصاء أي فصيل فلسطيني من البداية، لما يحمله ذلك من مخاطر على فرص تشكيل قيادة وطنية موحّدة تتحمل مسؤولية السيادة مستقبلاً. وأوضح معاليه أن تجاوز منطق الإقصاء وإفساح المجال للحوار — مهما كان صعبًا — يمثل شرطًا ضروريًا لتحقيق تقدم حقيقي نحو سلام عادل ودائم.
وفي ختام الاجتماع، أعرب معالي السيد الوزير عن شكره وتقديره لأصحاب السعادة السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية على جهودهم في تعزيز علاقات التعاون مع سلطنة عُمان وحرصهم على التفاعل البنّاء مع تطوراتها الداخلية والخارجية، فيما عبّر رؤساء البعثات في مداخلاتهم عن تقديرهم لمبادرة معاليه في عقد هذا اللقاء السنوي المثمر، وحرصهم على مواصلة دعم الشراكة والتعاون مع سلطنة عُمان.










