تؤمن سلطنة عمان بالعمل من أجل بسط السلام والأمن في العالم، وتقوم السياسة الخارجية العمانية على مجموعة من المبادئ والمرتكزات الأساسية التي تؤكد على دور عمان كطرف فاعل في المجتمع الدولي.

حسن الجوار

تؤمن عمان إيمانا راسخا بأهمية تطوير علاقات جيدة مع جميع جيرانها والحفاظ عليها.

ويتمثل الهدف الثابت للسياسة الخارجية العمانية في التأكد من أن علاقاتها مع جميع جيرانها تُبنى على الصداقة والاحترام المتبادل وعلى التفاهم ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير.

تضم الدول المجاورة لسلطنة عُمان الجمهورية اليمنية وأعضاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتي طورت السلطنة معها علاقات من التعاون الاقتصادي والأمني واسعة النطاق، مما ساهم بدرجة كبيرة في تحقيق الأمن المتبادل خلال فترة اتسمت بعدم الاستقرار الإقليمي.

وبالنسبة لسلطنة عُمان، يمتد مفهوم الجار إلى ما هو أبعد من الدول المجاورة مباشرة، ليشمل شركاء مهمين آخرين تعتبرهم عُمان دولا مجاورة بسبب قربهم النسبي وأهميتهم.

وبالتالي فإن كلا من إيران والهند وباكستان تعد من بين أهم الدول المجاورة لسلطنة عُمان.

قد يجد بعض الجيران أنفسهم، من وقت لآخر، في نزاع أو خلاف بين بعضهم البعض.

إن مبدأ حسن الجوار يتطلب من سلطنة عمان أن تفعل كل ما في وسعها، ليس للحفاظ على علاقاتها الجيدة مع جيرانها فحسب، وإنما أيضا لمساعدة جيرانها على التوصل إلى تفاهم والحفاظ على علاقات طيبة مع بعضهم البعض.

وهذا الأمر مهم لعمان: فاستقرار الجار المباشر يعد عنصرا حيويا بالنسبة لأمن سلطنة عمان ولمستقبلها الاقتصادي على المدى الطويل.

لذلك فإن سلطنة عمان على استعداد دائم لمساعدة جيرانها من خلال توفير التسهيلات اللازمة لتيسير التشاور بشأن مختلف القضايا والاهتمامات.

التسامح

كان التسامح ولا يزال يشكل عاملا رئيسا في علاقات عمان مع بقية دول العالم عبر التاريخ.

ويتطلب التسامح فهما مستنيرا واحتراما شديدا لثقافات الشعوب الأخرى وآرائهم ومعتقداتهم. لذلك، تتجنب سلطنة عُمان، في علاقاتها مع الدول الأخرى، التسرع في إصدار الأحكام التي قد تؤدي إلى التصلب أو التعقيد أو الانحياز.

فبدون التسامح، من الصعب تطوير العلاقات أو إقامة صداقات مستدامة أو إنشاء الشراكات اللازمة لتأمين المنافع للجميع.

تستند سياسة سلطنة عمان الخارجية على قناعة راسخة بأن مواجهة مشاكل هذا العصر الصعبة لا يمكن أن تنجح إلا من خلال الالتزام برؤية مبنية على التسامح.

تمارس سلطنة عمان الدبلوماسية التي تشجع جميع الأطراف على إفساح المجال للغة التسامح والحوار وتبذل في الوقت نفسه كل جهد ممكن لنزع فتيل التوتر بالحكمة والموعظة الحسنة والتعاون المسؤول.

وفي الوقت نفسه، فإن سلطنة عمان على استعداد للتصدي لكل من يحاول تقويض التسامح أو الحوار أو يسعى إلى التدخل في شؤونها الداخلية.

الحوار

الحوار يُعتبر، بالنسبة لسلطنة عمان والعمانيين، عنصرا رئيسا في معالجة كافة القضايا الداخلية والخارجية على السواء.

لا تترك السياسة الخارجية العمانية أي وسيلة اتصال إلا وتطرقها، مهما كانت صعوبة أي أزمة.

وتلتزم وزارة الخارجية بالسعي من أجل تحقيق الأمن والاستقرار بالوسائل السلمية والحوار وليس الصراع.

ولا تنتهج سلطنة عمان سياسة الإقصاء أو المقاطعة عندما تجد نفسها في خلاف مع آراء الآخرين أو مواقفهم.

بل إنها تسعى إلى تشجيع الآخرين على تبني سياسة التسامح من أجل تحقيق التعايش السلمي والشراكة المثمرة للجميع.

الانفتاح على العالم

تستند رؤية سلطنة عمان لتحقيق التنمية على الالتزام بالانفتاح على العالم وتعزيز التواصل والتجارة.

لذلك تُبنى توجهات وزارة الخارجية العمانية على منظور دولي.

وهذا يعتمد على تقاليد الدولة الراسخة، حيث تتمتع سلطنة عمان بتاريخ عريق يمتد لقرون كدولة تجارية استطاعت إقامة علاقات بحرية مع الدول في جميع أنحاء العالم لأنها كانت وما تزال دولة منفتحة على العالم ومتفاعلة معه.

وتعتز سلطنة عمان بتمتعها بعلاقات طيبة من التعاون والصداقة مع مجموعة واسعة من الدول، عبر الخليج وفي الشرق الأوسط، وعبر المحيط الهندي، وفي الغرب، وفي آسيا – حتى وإن بدأت العلاقات والتجمعات العريقة تأخذ أشكالًا جديدة في هذا العالم سريع التغيير.

فعمان في قلب عالم العولمة الاقتصادية الحديث. فهي عضو في منظمة التجارة العالمية، كما أنها تأتي في طليعة الجهود الرامية إلى تطوير المحافل الإقليمية الجديدة التي يمكن أن تزدهر فيها الأعمال والتجارة عبر الحدود الوطنية بطريقة عالمية حقيقية.

فقد أصبحت سلطنة عمان بموانئها الجديدة المطورة مركزا دوليا رئيسا للخدمات اللوجستية وإعادة التصدير، الأمر الذي يمكنها من أن تلعب دورا بارزا في التجارة الإقليمية والدولية في العقود المقبلة.

البراجماتية

تتبع السياسة الخارجية العمانية نهجا براجماتيا يؤكد على الحقائق الجيوستراتيجية وليس المواقف الأيديولوجية أوالمؤقتة.

وهذا يعني أن سلطنة عمان لا تسمح للأحداث العابرة أن تحدد سياستها الخارجية.

وهذا المبدأ له جذوره الضاربة في وضع عمان الجيوسياسي، وبخاصة في المسؤوليات التي يفرضها عليها موقعها المطل على مضيق هرمز وبحر عمان والمحيط الهندي وبحر العرب.

ويعد مضيق هرمز ممراً مائياً حيوياً للعالم بأسره. لذلك، فإن حمايته من أن يتأثر بالصراعات يعتبر مسؤولية هامة. وبناء عليه، تسعى سلطنة عمان جاهدة للمحافظة على اتصالات دائمة مع جميع الأطراف وفي جميع الأوقات. ولن تتخلى عمان عن هذه المسؤولية تحت أي ظرف من الظروف.

هذه المسؤولية بدورها تتطلب أن تحافظ سلطنة عمان على علاقات جيدة مع جيرانها، فهم دائمون. قد تتحول آراؤهم واهتماماتهم بمرور الوقت، كما أن السياسات والحكومات تأتي وتذهب، ولكن تبقى الشعوب والثقافات والجغرافيا بين الجيران.

قد يكون لسلطنة عمان اختلافات في وجهات النظر مع بعض الحكومات، لكن هذه الاختلافات لا تقلل من أهمية استمرارية العلاقات التي تربط بين الشعوب وبين الأمم.

لذلك، يعتمد نهج سلطنة عمان البراجماتي على الثقة بأن المصالح المتبادلة على المدى الطويل سوف تتغلب على الصعوبات قصيرة الأجل.